أكدت مصادر خاصة بقناتي “العربية” و”الحدث” في العاصمة الأميركية واشنطن أن السبب الأساسي في أن المنطقة لم تشهد تصعيداً للحرب والمواجهات يعود إلى الرسائل المباشرة وغير المباشرة التي أرسلها الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إيران.
وبعد هجوم 7 أكتوبر أرسلت الولايات المتحدة عدداً ضخماً من القطع البحرية إلى منطقة الشرق الأوسط، وتوجّهت حاملة الطائرات جيرالد فورد إلى شرق المتوسط، وحاملة الطائرات أيزنهاور إلى بحر العرب، كما أرسل الأميركيون أسراباً من القوات الجوية إلى الخليج العربي وأصبح لديها مئات الطائرات في حالة الاستعداد للهجوم والقصف على مواقع كثيرة في الشرق الأوسط، خصوصاً إيران، وقد أصبحت على مسافة أقل من عشر دقائق من حاملات الطائرات وأقل من نصف ساعة من القواعد الجوية الدائمة.
لقاءات مباشرة
أكد الرئيس الأميركي جو بايدن أكثر من مرّة أنه بعث برسائل إلى إيران، وقد كشفت مصادر “العربية” و”الحدث” خلال الأيام الماضية أن رسميين أميركيين التقوا بمسؤولين إيرانيين وأبلغوهم التهديد الجدّي بضرب مواقع في إيران لو وقع تصعيد، كما أن الأميركيين تعمّدوا إيصال هذه الرسائل العنيفة عن طريق وسطاء.
من الممكن القول إن الأميركيين أرسلوا تهديدات بايدن للإيرانيين عن طريق الحكومة السويسرية، وهي راعية المصالح الأميركية في إيران منذ العام 1980.
إلى ذلك، قامت دول عدة في منطقة الشرق الأوسط بدور الوسيط بين واشنطن وطهران ومنهم عُمان وقطر، ومن الأرجح أن الأميركيين طلبوا من حكومتي الدولتين إيصال هذه الرسائل الجديدة، وفي مرات سابقة كان ممثلون للحكومة الإيرانية يجتمعون مع رسميين أميركيين بحضور ممثلين لطرف ثالث يوفّر المكان والسرّية، ويكون شاهداً على إبلاغ الرسائل ويستطيع متابعتها مع الطرفين لاحقاً.
الهدوء الإيراني
بحسب ما هو معلن، قالت إيران أكثر من مرة في أواخر أكتوبر، إنها ليست منخرطة مباشرة في النزاع، ولن تكون طرفاً فيه، وعن ما يحدث في غزة وجنوب لبنان وسوريا والعراق واليمن، قالت إيران إنها شأن يتعلّق بالميليشيات في هذه الدول وليس بها.
ضمن الأميركيون من خلال الحشد العسكري والتهديد باستعمال القوة إبعاد إيران عن الاشتباك، واعتبرت إدارة بايدن أنها “نجحت في منع التصعيد” وحصر النزاع في غزة وعدم امتداده إلى مناطق أخرى.
سحبت القوات الأميركية بعد ذلك حاملة الطائرات جيرالد فورد من شرق المتوسط، وتوجهت حاملة الطائرات أيزنهاور إلى منطقة اليمن، وفيما حاول الأميركيون ضبط الأمور الميدانية خصوصاً في غزة وعلى الحدود اللبنانية، تسبب الهجوم على البرج 22 في الأردن ومقتل ثلاثة جنود أميركيين بضربة موجعة للأميركيين، ووجد الرئيس الأميركي جو
بايدن مرة أخرى أنه مضطر للردّ.
التهديد الثاني
تبيّن الآن أن مقاربة الرئيس الأميركي لما حدث في الأسبوع الأول من فبراير الجاري هي أن بايدن اختار القيام بثلاثة أمور، الأول هو قتل شخصية مسؤولة مباشرة عن مقتل الجنود الأميركيين الثلاثة، والثاني هو ضرب مقرّات تابعة للميليشيات والحرس الثوري الإيراني وتدمير قدراتها في منطقة يستعملها الإيرانيون والميليشيات للهجوم على الأميركيين في التنف وشمال شرق سوريا، وأخيراً على موقع أميركي عند الحدود الأردنية.
شمل قرار الرئيس الأميركي “قصف مواقع في الأراضي الإيرانية” على لائحة الخيارات وطلب من معاونيه إبلاغ الإيرانيين مباشرة وبالواسطة أنه سيتخذّ قرار القصف إن انخرطت إيران في أي عمل ردّاً على التصعيد الأميركي، خصوصاً أن الطائرات الاستراتيجية الأميركية قادرة على الوصول إلى الأراضي الإيرانية في أي وقت، أما بُعد حاملة الطائرات أيزنهاور باتجاه اليمن فلن يؤثّر على القدرات الأميركية التي تستطيع الوصول إلى أهدافها في كل الأراضي الإيرانية.
يبدو الآن أن ردّ الرئيس الأميركي المتعدد الأوجه، وتهديده إيران بالقصف أعطى نتيجة، فهو نفّذ تهديده الأول بقتل مسؤول كبير في كتائب حزب الله العراقي، سبق ذلك شن الطائرات الاستراتيجية الأميركية موجة قصف على مواقع للميليشيات الموالية لإيران والحرس الثوري الإيراني في سوريا والعراق، ولم تتحرّك إيران أو تقوم بردّة فعل ميدانية.
تشعر الإدارة الأميركية الآن أنها تمكنت مَن ردع إيران، وأن الرئيس الأميركي جو بايدن تمكّن من الوصول إلى النتيجة التي يريدها و”إبقاء إيران في الزاوية” من دون أن يلجأ إلى اغتيال شخصية إيرانية كما فعل دونالد ترامب بقتل قاسم سليماني، ومن دون وضع الأمور بين الإيرانيين والدول الجارة والولايات المتحدة على شفى مواجهة.
هدوء في الخليج
يشعر الاستراتيجيون العسكريون الأميركيون بنوع من الطمأنينة لهذه النتيجة، خصوصاً أن الخليج العربي خال من القطع البحرية الأميركية، ويجب النظر إلى ذلك على أنه فراغ أو ثغرة، لكن الالتزام الإيراني بعدم الانخراط في الصراع، يجعل من الممكن لدى البنتاغون نشر حاملة الطائرات قبالة اليمن، في حين يؤكد المشرفون على خطط الانتشار الأميركي أنه من السهولة إعادة الحاملة أيزنهاور إلى بحر العرب أو الخليج العربي في وقت قصير.